الأحد، 13 سبتمبر 2009

أكلتُ يوم اكل الثور الابيض .. في مجتمعاتنا


كاتب المقال : علي سلمان العجمي
المصدر:

http://exploremyskull.blogspot.com/2009/09/blog-post.html


القصةٌ غنيةٌ عن الشرح والاطناب والتفصيل، فقد القمناها حفظاً ايام المدراس دون أن نعيشها بادراكنا، وهي تتحدث عن تفرد الذئب -وفي رواية الاسد- بمجموعةٍ من الاسود كلا على حده بعد ان اوقع بينهم الوقيعه وجعل كلاً منهم يعيشُ حالة من (الفرديه) حتى تمكن منهم فرادى فصرحَ آخرهم بالمقولة المشهوره (اكلتُ يوم اكل الثور الابيض).

أسوقُ هذه القصة المعبره لاستشهد بها على واقعنا الاجتماعي المؤسف حيثُ ارى محيطاً غارقاً في حالةٍ من الفرديه المقيته. منذُ مده ليست بالقريبه صادف ان بعض (المتصابين) قام بنشر قصاصات ورقية قذره على مجموعة من البيوت الواقعه في حارتنا، مما استثار لغط الكثيرين - بصمت - لاحتوائها على عبارات نابيه وقذره تنبئ بتربية الشوارع التي كان يتمتعُ بها كتابها. استثارني الحدث وطفقت امر على البيوت واجمع المناشير واجري اتصالاتي بالاصدقاء والمتخصصين كي نرسم استراتيجية الرد وآليه تحديد هؤلاء الصبيه رغم ان بيتنا لم يكن في عداد البيوت المستهدفه، حتى انتهينا الى عقد اجتماع ضم ممثل عن كل بيتٍ تم استهدافه، وجرى على اثرها التحرك.

الى ها هنا يبدوا الامر اكثر من طبيعي، ولكن (هؤلاء الصبيه) استهدفوني فيما بعد حيثُ عمدوا الى الاضرار بسيارتي التي كانت تركن امام البيت اكثر من مره، ولم يكن هذا ما اثار استغرابي ولكن ما اثار استغرابي ان من تجمعوا بالامس في بيتي للتحرك في مشكلةٍ تخصهم، نظروا للحدث على انه (مشكلة) تخصني انا فقط، دون ان يبدوا اي تحركٍ ايجابي تجاهي غير عبارات الترحم على حالي!!!!!

لم اكن ابالي بما تعرضت له سيارتي، ولكن ما كان يمقتني هو البرود الاجتماعي الذي عاشه المجتمع في تلك اللحظه، حيثُ لم يبدوا اي تآزر ولا حتى ادنى همه في الحدث. قبل ليالي تكرر ذات الحدث ولكن بشكل آخر، حيث رأيتُ بعضهم يُضَاحكُ ذئباً قد نالنا الاذى منه واشتهر اذاه لنا، فما كان من هؤلاء - وهم من اقربائي- الا ان تفاعلوا بكل برود مع الحدث ونشطوا عضلات الضحك لديهم وكأن شيئاً لم يكن!!!


البعض يخالُ نفسه ناضجاً ان حصل على درجةٍ علميه كالبكالوريوس او ان كان قارئاً نهماً او ان كان يتمتع بمكانة اجتماعيه عاليه، ولكن للاسف هذا تصنيفٌ خاطئ فمن يقول بأن أياً منها تعني النضج. أن تكون ناضجاً يعني ان تكون على درجةٍ عاليةٍ من الوعي والادراك، بحيثُ تقيس شهيقك وزفيرك وان تحسبُ الحساب لكل خطوةٍ تخطوها، وان تكون على قدرٍ عالٍ من المسؤلية لتحديد موقفك و(أولوياتك) في هذه الدنيا، والا فان هذه الحالة الفردية المقيته تعني ان يغرق الانسان في حالةٍ من الفرديه، التي تؤهلنا وبجداره لنقول مقولة الثور الاحمر (أكلتُ يوم أكل الثور الابيض) في يومٍ من الايام.

الانسان الناضج هو من يتمتع بكل ما سلف وفوقها ان يعيش همَّ المجتمع وكأنه همه، وان يعيش جراح غيره وكانه جرحه لا ان ننساق خلف (ذواتنا الفرديه). الامام علي بن ابي طالب عليه السلام الذي نفتخر بشرف موالاته كان يئنُ عندما يرى مسكيناً او امرأة معوزه، وهو ذلك البطل الهمام التي لم تحنه الرماح ولم ثتنه النبال ولم تنل المصاعب التي واجهها من انينه. ذات الرجل كان يئن لانة الملهوف والمظلوم، حتى اشتد غضبهُ في يومٍ من الايام فقال "لو كان الفقرُ رجلاً لقتلته" لا لان الفقر اثر به او نال منه، بل لان الفقر كان يستهدف جسد الجماعه لا جسده. فكم منا يا ترى يعيشُ هم مجتمعه وامته كما يعيش مشاكله الفرديه؟!!!

ليست هناك تعليقات: